أقامت شركة ريناد المجد لتقنية المعلومات والاستشارات (RMG) اليوم ورشة عمل بعنوان “حوكمة البيانات وتمكينها لتعزيز الأصول والقدرات الوطنية” في فندق ماريوت، شارك فيها أكثر من 20 استشاريّ وخبير تقني بحضور عدد من ممثلي 35 جهة حكومية من مختلف القطاعات.
وتهدف ورشة العمل إلى تسليط الضوء على أفضل ممارسات تفعيل حوكمة البيانات وعرض منهجيات تطوير إستراتيجيات البيانات في المنشآت ومساعدة الجهات الوطنية في تطوير أُطر حوكمة البيانات وتوضيح آليات تفعيلها، واستعراض نماذج تشغيلية لحوكمة البيانات وإدارتها.
اُفتتحت الورشة بكلمة من الرئيس التنفيذي للشركة المهندس فياض بيان، رحب فيها بالحضور وشكرهم على استجابتهم الدعوة مبينًا سعي شركة RMG وفريقها الدائم إلى عقد ورشات عمل للتوعية بأبرز اتجاهات إدارة البيانات وأهمية اتباع أفضل النهج والممارسات وإثراء النقاش حول معايير حوكمة البيانات لتعظيم إمكاناتها باعتبارها أحد أهم الأصول الوطنية الإستراتيجية.
بدوره قدَّم الدكتور محمد القادري، استشاري لدى RMG، الجلسة الأولى تناول فيها أهمية العناية بالبيانات وإدارتها وكيفية تمكين الجهات من بياناتها والاستفادة منها بأفضلِ شكلٍ ممكنٍ لتكون داعمةً لجهودها في التحول والتطوّرات التي تشهدها خلال التغيّرات المؤسسية.
وشدَّد القادري خلال حديثه على أهمية بالبيانات كأصلٍ إستراتيجي ذو قيمة حقيقية، إذ قال: “عند التعامل مع البيانات، علينا أن نفترض بأن هناك شخص أو منظمة ما في مكان ما لديها اهتمام بالبيانات التي نملكها وبالتالي للبيانات قيمة حقيقية تحتم علينا ألا نتجاهلها”.
وذكر القادري بعض الفوائد الأخرى التي يمكن الاستفادة من البيانات لتحقيق منافعٍ جليلة على الشركات والجهات، مثل استخدام البيانات في جهود التسويق والإعلان، وتصميم المنتجات وتحليل ولاء العملاء والتنبؤ بتوقعاتهم وردود أفعالهم وقياس حجم السوق وغيرها من الفوائد التي تساهم في نمو الأعمال وتطوّرها بشكلٍ أو بآخر.
وتطرّق استشاري إدارة البيانات خلال حديثه إلى نُهج وأنواع نماذج الأعمال المتعلقة بالبيانات، وهما البيانات كمنتج Data as a service والتي تُباع البيانات مجهولة المصدر والمجمَّعة فيه للشركات الوسيطة أو العملاء النهائيين الذين يقومون بدورهم بتحليلها من أجل استخراج الرؤى لدعم عملية صناعة القرارات.
والنموذج الآخر هو الرؤى كمنتج Insight as a service، الذي يقوم على بيع الرؤى ونتائج تحليل البيانات كمنتج من خلال البيانات الداخلية للمنظمة أو عن طريق دمجها ببيانات طرف ثالث أو بيانات مفتوحة. على سبيل المثال، المواقع المعنية بالأخبار المتعلقة بالأسواق المالية والتي تبيع البيانات والرؤى والتقارير والأخبار المهمة للمستثمرين الأفراد أو المؤسسات على حد سواء.
وأشار الدكتور محمد القادري كذلك إلى مفهوم “تسييل البيانات” والذي يُقصَد به الاستفادة من البيانات المتوفرة لتوليد فوائد اقتصادية ذات عوائد قابلة للقياس. هناك طريقتان لتوليد القيمة الاقتصادية وتحقيق الفائدة من البيانات.
الطريقة الأولى داخل المنظمة (داخلي) وتركز على الاستفادة من البيانات لتحسين عملياتها وإنتاجيتها ومنتجاتها وخدماتها، وتجارب العملاء والمستفيدين. الطريقة الثانية خارج المنظمة (خارجي) ويشمل إنشاء وابتكار إيرادات جديدة من خلال إتاحة البيانات أو منتجاتها التحليلية للعملاء والشركاء.
وأوضح القادري أنّ العوائد الاستثمارية من البيانات تأتي بطريقتين: مباشرة وغير مباشرة. الصورة غير المباشرة كأن تظهر في تحسين أداء الأعمال للمنظمة بطريقة يمكن قياسها مثل زيادة كفاءة الإنتاج أو تطوير مستوى الخدمات وتجربة العميل، بحيث ينعكس إما زيادة في الإيرادات أو تقليل المصروفات والتكاليف أو بالاثنين معَا. ويمكن أيضاً تسييل البيانات من خلال مقايضتها مع أطراف أخرى من أجل منفعة ما. وتكون العوائد الاقتصادية بصورة مباشرة كأن يتم بيع البيانات أو منتجاتها التحليلية لمستفيد أو الوسيط بمقابل مادي.
واستعرض الاستشاري كذلك بعض الأمثلة والتجارب التي يمكن من خلالها الاستفادة من البيانات وتعظيم قيمتها، وذكر، على سبيل المثال لا الحصر، مبادرة داتاثون التي أطلقتها STC لصناعة منتجات قائمة على استغلال إمكانات البيانات لدراسة حركة المرور والسير في المدن وتحديد مناطق التكتل لمساعدة الجهات ذات الشأن، كوزارة النقل وأمانات المناطق، في تخطيط المدن وإدارة وسائل النقل.
وضرب مثالًا على كيفية تسييل البيانات لتحسين كفاءة الأعمال في المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة “أداء” الذي يُوظِّف البيانات لصناعة مؤشرات تعمل على قياس أداء الأجهزة العامة لدعم كفاءتها وفاعليتها لتنفيذ غاياتها وتحقيق مستهدفاتها الإستراتيجية. أشار كذلك إلى شركة عِلم التي توفّر منتجات البيانات للمستفيدين من القطاعين العام والخاص لمساعدتهم في إنجاز مشروعاتهم وأعمالهم بكفاءةٍ عاليةٍ.
وأكَّد أن عملية تسييل البيانات تنطوي على كثير من الفرص لدى معظم الجهات وباختلاف أحجامها، إذ أن كلّ جهة لديها أو تُنتج كميات كبيرة من البيانات والتي يمكن أن تطلق قيمة مالية هائلة إذا اُستُغِلت بشكلٍ مثالي وأُدِيرت بصورةٍ صحيحةٍ وفق أبرز الممارسات الفضلى.
من جانبه أكَّد المهندس زاهر البعلي، استشاري إدارة البيانات في RMG، على ضرورة المشاركة الفاعلة للوصول إلى رؤية وطنية إستراتيجية نحو الاستخدام الأمثل للبيانات، مشددًا على ضرورة تطبيق أنظمة الحوكمة المناسبة لخلق قيمة حقيقية من البيانات والاستفادة من الأصول المعلوماتية التي أصبحت تُعدّ أصل وطني إستراتيجي.
وجرى، خلال الورشة، التعريف بدور إطار الحوكمة وضرورة تطبيقه وأهم ركائزه التي تشمل القواعد والسياسات والمعايير والمتطلبات والأشخاص والعمليات التي يتبعها هؤلاء الأشخاص للتحكُّم في البيانات.
واستعرض المهندس حسام تلاوي – استشاري إدارة البيانات المكوّنات الأساسية الأربعة إطار عمل حوكمة البيانات، وأفضل الممارسات لإنشاء إطار عمل حوكمة البيانات، ومراحل ومنهجية تفعيل حوكمة البيانات بناءً على الضوابط والمواصفات بدءًا من مرحلة التقرير والتقييم مرورًا بمراحل التأسيس والحوكمة والتخطيط وصولًا إلى مرحلتيّ التشغيل ونقل المعرفة.
وشهدت الورشة عددًا من المداخلات والنقاشات من قبل الحضور تناولت أهمية نشر ثقافة حوكمة البيانات وتطبيق المعايير القياسية لدى الجهات الوطنية ومكاتب إدارة البيانات، وضرورة العمل على تطوير منظومة الحوكمة في المؤسسات لملائمتها بالتطورات التقنية المتسارعة والاستفادة منها بالشكل الأمثل.
في الختام أكّد الرئيس التنفيذي لشركة RMG على ضرورة إعداد وإقامة بيئة حاضنة بشأن مثل هذه المواضيع لتبادل الخبرات مع جميع الأطراف، مُوضحًا بأن شركته ريناد المجد لتقنية المعلومات والاستشارات تُخطّط لتنظيم ملتقيات وورشات عمل مشابه لتشجيع ونشر الوعي حول مجالات إدارة البيانات بمشاركة جميع الأطراف المعنية.