عقدنا اليوم الخميس، الموافق 19 صفر 1444 هـ، ورشة عمل حول تحديات تفعيل إدارة البيانات في المنشآت الوطنية، بحضور أكثر من 20 جهة حكومية، متمثلة في الوزارات وأمانات المناطق والهيئات من مختلف القطاعات.
وتهدف الورشة إلى تسليط الضوء على أهمية البيانات وحوكمتها وأبرز المشاكل التي تواجه المؤسسات والمنشآت في تأسيس وتفعيل مكتب إدارة البيانات، ومناقشة أهم السبل المتاحة والمقترحة لمواجهة تلك التحديات.
إضافةً إلى ذلك، تناولت الورشة عدة محاور توضح كيفية اختيار الأدوات والحزمة التقنية المناسبة لإدارة البيانات وأهم العوامل التي يجب أخذها بالحسبان، ومناقشة تحديات الامتثال وتطبيق الضوابط والمواصفات ذات الصلة، واستعرضت كذلك أفضل التجارب والدراسات المعيارية المحلية والعالمية.
وانطلقت الورشة بحضور ومشاركة كل من الأستاذ عبد الكريم بن محارب (المدير العام)، والمهندس فياض بيان (المدير التنفيذي)، ومجموعة من نخبة خبراء إدارة البيانات وحوكمتها في المملكة، وعدد من الممثلين عن الجهات الحكومية.
وافتتح الدكتور عبدالرحمن الخضير، استشاري الحوكمة والتحول لدى RMG، ورشة العمل مُرحِّباً بالحضور والإشادة بتواجدهم، حيث قال في افتتاحية الورشة: “يسعدنا أن نلتقي بكم اليوم في هذه الورشة المميزة التي تناقش إدارة البيانات وطرق تفعيلها في المنشآت الوطنية وتستعرض أبرز الفرص والتحديات في هذا المجال المهم، حيث نتطلع من خلال هذه الورشة إلى توفير رؤية 360° حول الموضوع”.
ودار الحديث في الورشة الأولى حول أهمية البيانات، وأكَّد استشاري إدارة البيانات، المهندس حسام تلاوي، على أهمية العناية بنهج إدارة البيانات وحوكمتها “إذ أصبحت مطلبًا إلزاميًا إذا أرادت المنشأة توظيف البيانات والاستفادة منها بما يساعدها على تحقيق أهدافها ورؤيتها”.
وأوضح الاستشاري في حديثه أن تكامل البيانات يُمثّل أكثر التحديات شيوعاً للجهات، “إذ أن الغرض النهائي من وجود البيانات هو إتاحتها للتحليل والمعالجة بواسطة أدوات تحليل الأعمال بغرض تقديمها إلى الجهات المعنية من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة”.
ووصف تلاوي إدارة البيانات بأنها “عملية تطوير وتنفيذ والإشراف على الخطط والسياسات والبرامج والممارسات التي تتحكَّم بحماية البيانات وأصول المعلومات وتعزيز قيمتها ومشاركتها ومعالجتها وتخزينها؛ بغرض إرساء بنية بيانات واضحة ومترابطة تدعم أعمال المُنشأة وتُمكّنها من تحقيق أهدافها”.
واستعرض استشاري إدارة البيانات خلال هذه الورشة مجالات الاستفادة من البيانات في المنشآت، وأهم التقنيات الحديثة التي تُستخدَم في تحليلات البيانات، مثل ذكاء الأعمال والذكاء الاصطناعي، مُوضِّحًا بأن تلك التقنيات تتداخل في بعض القدرات التحليلية وتشترك في بعض الخصائص لكنها تختلف في طريقة عملها والأدوات المستخدمة فيها.
من جانبه، قدَّم استشاري حوكمة البيانات، المهندس علي عابد، نظرة عامة على الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي واستعرض أهم الأوامر السامية والسياسات والتشريعات المفروضة ذات الصلة بالبيانات. بالإضافة إلى أنه تطرَّف إلى منهجية تأسيس مكتب إدارة البيانات وعناصر إنشاء نظام إدارة البيانات الفعَّال وكيفية التخطيط لإدارة البيانات.
أوضح استشاري حوكمة البيانات كذلك القيمتين الاقتصادية والاجتماعية من تحقيق إدارة وحوكمة البيانات، بدايةً من المساهمة في تحسين المنتجات والخدمات وخفض التكاليف والإنفاق، مرورًا بتحسين عمليات صنع القرارات والسياسات وزيادة التعاون بين الأقسام، وأخيرًا الحصول على خدمات اجتماعية مبتكرة وتحسين رضا مستخدمي البيانات.
وخلال حديثه عن أبرز تحديات تفعيل إدارة البيانات في الجهات والمنشآت الوطنية في المملكة، أكَّد المستشار، على تأثير البيانات على نهج المؤسسة في صناعة القرارات ومخرجات عملياتها، كما أكَّد على أن معظم التحديات تنشأ نتيجة سرعة التغيّرات في وتيرة الأعمال وتزايد انتشار البيانات.
وأشار استشاري إدارة البيانات خلال حديثه لوجود تحديات أخرى تواجه المؤسسات في تفعيل إدارة البيانات من بينها نقص الموارد والمسائل الأمنية، إذ يوجد ندرة شديدة في المتخصصين ذوي الخبرة. وكذلك شدَّد على أهمية وضع خطة حوكمة بيانات تكون مسؤولة عن القواعد واللوائح فيما يخص البيانات والمعلومات كافة.
وتناولت الورشة الثانية، والتي كانت بعنوان “مساعدة الجهات في اختيار الأدوات التقنية المناسبة لإدارة البيانات”، شرحًا مفصلًا حول أهمية تحرّي الدقة والالتزام بمعايير معينة عند اختيار أدوات إدارة البيانات المناسبة، إذ أن ليس من الضرورة أن تكون كل الأدوات مناسبة للجهات كافة.
بدوره، أشار الدكتور عبدالرحمن الخضير إلى أهمية مرحلة اختيار أدوات إدارة البيانات في الجهة وكيفية تحديد حزمتها التقنية المناسبة، “فمع تزايد حجم البيانات وتعدُّد مصادرها أصبح لزاماً على الجهات اختيار حزمة أدواتها بعناية حتى تتلائم مع احتياجاتها وتستطيع تقديم رؤى مفيدة في الوقت المناسب”.
وأوضح الاستشاري أهم العوامل التي يجب وضعها في الحسبان خلال عملية اختيار أدوات إدارة البيانات، ليتم معالجة بيانات المنشأة وتحليلها بسرعة ودقة كبيرة دون أن تفقد القيمة المحتملة لها. إذ قال تلاوي “في مرحلة اختيار الأدوات المناسبة، ستحتاج إلى تحديد الأهداف أولًا والتركيز على المستخدم النهائي للأدوات والنظر في التكلفة الإجمالية للبيانات والتحقق من خصائص الأداة وقابلية التوسع فيها وسهولة النشر”.
حَملت الورشة الثالثة والأخيرة عنوان “تحديات تطبيق الضوابط ومواصفات مجالات إدارة البيانات وأفضل الدراسات المعيارية”، والتي قدَّمها الدكتور عبدالرحمن الخضير، استشاري الحوكمة والتحول في RMG، استعرض خلالها أفضل التجارب والدراسات المعيارية وأبرز تحديات تطبيق الضوابط والمواصفات.
حيث أكَّد الخضير على أن “إستراتيجية البيانات يجب أن تكون مدعومة بحالات استخدام قابلة للتطبيق”، وأن أهم تحدٍ تواجهه المؤسسات الوطنية خلال سعيها إلى تطبيق الضوابط ولوائح الامتثال هو كونها تتغيَّر باستمرار وبسرعة أكبر، وعدم القدرة على تحديد الاختلالات في الامتثال للمتطلبات الجديدة والمُحدّثَة بسهولة، وخاصة المواصفات ذات الصلة بقوانين الخصوصية الصارمة.
في الوقت ذاته، قدَّم استشاري الحوكمة والتحول نظرةً عامة على ضوابط ومواصفات مكتب إدارة البيانات، والترابط بين ضوابط مجالات إدارة البيانات، وبيَّن البعد الإستراتيجي لها. أضف إلى ذلك أنه استعرض إطار تنفيذي مقترح لتحقيق القيمة من البيانات في المنشآت الوطنية.
واستعرض الخضير خلال الورشة الأخيرة عدة إستراتيجيات بيانات في جهات محلية ودولية يمكن اتخاذها كدراسات مرجعية ومعيارية واعتبارها مرجعًا، مثل إستراتيجية البيانات بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وأستراليا.
وشهدت الورشة العديد من المداخلات والنقاشات من قبل الحضور تناولت أهمية إدارة البيانات وتجاوز التحديات وتبادل الخبرات مع الجهات، وتساؤلات عدة طرحها المشاركون وسط إجابات واضحة من قبل مستشاري شركة ريناد المجد.
في ختام ورشة العمل، أكّد الدكتور عبدالرحمن الخضير على ضرورة إعداد رؤى وخطط في كافة الجهات، والعمل على تطوير سياسات ومعايير ذات صلة تتلاءم مع حجم التطورات التقنية المتسارعة وتشجيع الجهات على استثمار مواردها في تطوير إدارة البيانات باعتبارها أصل وطني ذا قيمة عظيمة.