اليوم في عصر ما بعد جائحة كورونا، وفي ظل الضرورة المُلحة التي تُجبر المُنشآت على التحول، أصبحت الشركات تُركّز على تطوير نشاطها التجاري وتغيير أساليب ونماذج أعمالها من أجل مواكبة الأنماط الاستهلاكية الجديدة للعملاء، وتحسين أداء الأعمال من خلال إيجاد أساليب مبتكرة للتغلب على الركود الذي سبّبه الوباء.
وقد شكلت التغيرات الجارية في السوق والتقدم التقني حاجة لا مفر منها إلى اللجوء لـ التحول المؤسسي للأعمال من أجل الحفاظ على مركزها التنافسي وحصتها السوقية. ولكن لا يمكن، بأي حال من الأحوال، بدء رحلة التحول من أجل التحول فقط واتباع سلوك القطيع؛ كي لا تستنزف المنظّمة مواردها وتستثمر مبالغ طائلة من أجل عائد استثماري ضئيل.
وفي حين أن العديد من الشركات والمؤسسات تُطلق مشاريع التحول، الكثير منها تشعر أن عملية التحول ليست سهلة على الإطلاق، وتواجه عوائق خلال رحلة التحول.
يسعى هذا المقال إلى تسليط الضوء على القوى الدافعة وعوامل نجاح التحول المؤسسي الحاسمة التي تجعل من التحول ديناميكية تستجيب للمتغيرات بصورة آنية ومستدامة، مع ذكر بعض الأمثلة على نجاح وفشل بعض الشركات بإجراء التحول الشامل على نشاطها التجاري.
ما المقصود بـ التحول المؤسسي؟
هو عملية تحوّل أو انتقال المنظّمة من وضعها الحالي إلى حال آخر مُستهدف بإرادة ذاتية بهدف التحسين والتطوير؛ للموائمة مع التغيّرات.
عوامل نجاح التحول المؤسسي
- العمل على إثراء تجربة العملاء
ينبغي أن تكون جهود رحلة التحول متمحورة حول العملاء، حيث يهتم الزبائن بالقيمة التي يحصلون عليها جراء شراء المنتجات والخدمات، يهتموا أيضًا بكيفية تقديمها، وسهولة الحصول على معلومات وتفاصيل الخدمة/ المنتج، وتوافر الدعم الفني، وتفاعل الموظفين بشكل جيد عند نقاط الاتصال.
ولإثراء تجربة العملاء، يجب على الشركات البحث في التحديات التي تواجه زبائنها، وإجراء تغييرات وتحسينات وفقًا لما تشير له تلك البحوث. وتعتبر إعادة ابتكار تجربة العميل خطوة ممتازة نحو نجاح التحول، فتجربة العميل الممتازة تُبقي الزبائن سعداء وتعزز الولاء لديهم، مما يؤدي إلى المزيد من تكرار الأعمال والمزيد من الإحالات.
- اعتماد التقنية لإضافة قيمة
يوجد في عصرنا عدد كبير من الخيارات التقنية، ولكن لا يمكن اعتمادها كلها في مُنظّمتك خلال عملية التحول المؤسسي، بل ينبغي أن يكون الاختيار بينها قائمًا على معايير محددة، مثل: معرفة القيمة التي سوف تضيفها تقنية معينة لعملك ومعرفة ما مدى ملائمتها لمنظّمتك ونشاط عملك؟
وغالبًا ما تكون القيمة التي تُقدّمها التقنية المُختارة عبارة عن إدخال تحسينات وتعزيز تجارب العملاء، والعمليات، والمنتجات والخدمات، وتعزيز المكانة التي يحتلها المنتج أو الخدمة في الأسواق وفي أذهان العملاء.
وتُساعد عملية اختيار التقنية المناسبة في تكييف الحلول بسهولة داخل المنظّمة، وبالتالي تقليل فترة تنفيذ التحول المؤسسي. ومن خلال إجراء الاستقصاء اللازم للتحقق من القيمة التي تجلبها التقنية ، تزيد الفوائد المتوقع الحصول عليها من التقنية.
- تكامل العمليات الأمامية والخلفية
كثيرًا ما تحظى الأنشطة والإجراءات، مثل التسويق والعلاقات العامة والمبيعات، التي تتعامل فيها الشركة مباشرةً مع العميل وجهاً لوجه، أو ما يُعرف بعمليات النهاية الأمامية (Front end)، بالأولوية عند تحديد الخيارات الاستثمارية والتطويرية في عملية التحول المؤسسي، وهذا يترك عمليات النهاية الخلفية (back end)، وهي جزء العمليات من العمل الذي نادرًا ما يراه الزبائن أو يسمعوا عنه، وتشمل على سبيل المثال لا الحصر: الإدارة والمحاسبة والموارد البشرية، تُدار بنظم قديمة ربما تكون قد عُززت على مر السنين. وكنتيجة لدمج تقنيات الواجهة الأمامية الحديثة مع تقنيات الواجهة الخلفية القديمة تتشكّل نقطة ضعف كبيرة داخل المنظّمة.
ويكتسي هذا التكامل أهمية محورية في إحداث تحول سلس حيث يتم تحسين العمليات إلى أقصى حد. وبدون التكامل السليم، ستصبح عمليات الواجهة الخلفية عقبة رئيسية أمام إتمام التحول المؤسسي بصورة كاملة، مما يُقلّل آثار جهود التحول.
- القياس بغرض الحصول على رؤى مستبصرة واختيار أداة التحليل بناءً على ذلك
تحتفظ الشركات بعدد ضخم من البيانات بغرض تحويلها إلى رؤى مفيدة. ولكن ما يُحدّد مدى نفعها هو أدوات التحليل المُستخدمة، وبدلًا من استخدام الأدوات التقليدية لإجراء التحليل اللازم، مثل برنامج “إكسل”، يمكنك استخدام برمجيات وتطبيقات أكثر حداثة وتُتيح مميزات وإمكانيات أفضل.
وتوفر التطبيقات الحديثة، مثل برمجيات إدارة عمليات العمل (BPM)، قدرات وظيفية لاستخلاص البيانات في الوقت الحقيقي عند خطوات حاسمة من العملية. وتوفر القياسات المفيدة البيانات الصحيحة للتحليلات ذات الصلة وفي الوقت المناسب، مما يلغي النُهج المزدوجة المرهقة التي تستغرق وقتا طويلًا وتعرض للخطأ. ومن المعروف بأن الشركات التي لديها رؤية واضحة تسبق منافسيها لأن لديها رؤى تُمكّنها من اتخاذ إجراءات أكثر فعالية وبسرعة أكبر.
- المشاركة والتعاون المتواصل بين الجميع
يُقصد بصوامع الإدارات أو الإدارات المنغلقة على نفسها هي الإدارات التي لديها موارد غنية يستفيد منها المشروع التجاري ولكن لا تُظهِر تعاون كافِ وتُعيق تقدّم المشروع. ففي أي مشروع، تحتاج إدارة المالية والمبيعات والتسويق وتقنية المعلومات والعمليات إلى تبادل معارفها ومواردها بشأن الزبائن والخبرات. ولتحقيق نتائج أفضل في عملية التحول المؤسسي، يجب توسيع نطاق جهود التعاون إلى ما هو أبعد من الأعمال التجارية.
والتعاون بين الإدارات هو أفضل طريقة لترشيح الأفكار المتضاربة وتحديد الأولويات لما هو أهم بالنسبة للعملاء والشركة. إن لم تتمكّن المنظّمة من إيجاد أو خلق هذا التعاون المنشود خلال رحلة التحول المؤسسي؛ ستؤدي إلى تحقيق أداء دون المستوى وتغيُّرات ونتائج باهتة لا يرضى بها أحد.
- تهيئة ثقافة المنظّمة من أجل التغيير
القيم والمعتقدات هي من تقود سلوك الناس بصفة عامة، وإن لم يقتنع الناس في المنظّمة بفكرة التحول المؤسسي وأغراضه؛ سيكون من الصعب جعلهم يتغيرون بالإكراه. وعلى العكس تمامًا، عندما يستدعي التغيير المصلحة الذاتية، يكون الشخص مستعدًا لتجربة التغيير.
في كل مبادرة تحول يوجد مقاومة للتغيير، ولتقليل من أعراض مقاومة التغيير في المنظّمة، يجب بناء ثقافة تتبنى أموراً جديدة مجددة وتتمحور حول التفكير في التعلم من الفشل. وتتيح الثقافة التكيفية للأعمال تعزيز الزخم من أجل التحول، وتحسين الوضع، وتحقيق نتائج أفضل.
في الختام، يمكن القول إن رحلة التحول المؤسسي رحلة طويلة وليست يسيرة على الإطلاق، ولكن مهم جدًا خوضها لضمان استدامة الشركة وازدهارها وضمان بقائها في المنافسة. وبالتالي، يجب على القادة النظر في العوامل الثقافية و الهيكلية والتقنية خلال رحلة التحول، وجعلها متمحورة حول العملاء والعمليات التشغيلية ونموذج الأعمال.
هل تحتاج للمساعدة خلال رحلة التحول المؤسسي؟
نقوم، في شركة ريناد المجد لتقنية المعلومات (RMG)، بتقديم المشورة والإرشاد اللازمين، عبر +60 استشاري وخبير مختص، خلال جميع مراحل عملية التحول المؤسسي، بما يساعد على وضع المشروع على الطريق الصحيح وتنميته وتطويره وجعله أكثر مرونة واستدامة.
اتصل بنا الآن واحصل على جلسة استشارة مجانية مع خبير الأعمال لدينا!