دور القادة في عصر الذكاء الاصطناعي : استكشاف الفرص ومعالجة التحديات

وقت القراءة 10 دقيقة

عصر الذكاء الاصطناعي دور القادة في عصر الذكاء الاصطناعي : استكشاف الفرص ومعالجة التحديات مجموعة ريناد المجد لتقنية المعلومات RMG

مقدمة

يُعَد الذكاء الاصطناعي اليوم أحد الأدوات الأساسية لتطوير الحلول الابتكارية في مختلف القطاعات، حيث يُسهم في تحسين الأداء، وتقليل الوقت والجهد والتكاليف، وتعزيز كفاءة الأعمال وتسريع تنفيذها سواءً في المؤسسات الحكومية أو الخاصة. ومن المتوقع أن يُسهم الذكاء الاصطناعي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 14%، وهو ما يُعادل حوالي 15.7 تريليون دولار أمريكي (أي ما يقارب 58.9 تريليون ريال سعودي) بحلول عام 2030.

تتجه العديد من الشركات نحو زيادة استثماراتها في مجال الذكاء الاصطناعي بهدف تحقيق مكاسب متنوعة تشمل تطوير منتجات وخدمات مبتكرة، تعزيز عملية اتخاذ القرارات، وتقديم تجربة محسنة للعملاء. لتحقيق هذه الأهداف، من الضروري تبني استراتيجيات شاملة وقابلة للقياس، تهدف إلى استكشاف فرص استخدام الذكاء الاصطناعي وفهم التحديات المحتملة والتغلب عليها.

تشير الدراسات إلى أن الفارق في العائد على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بين الشركات التي ما زالت في مرحلة التجربة والشركات التي لديها خطة استراتيجية واضحة يصل إلى 110 مليون دولار أمريكي، أي حوالي 412 مليون ريال سعودي.

تهدف هذه المقالة إلى الإجابة على السؤال الأهم الذي يدور في أذهان معظم القادة والمدراء وأصحاب القرار  في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في عصرنا هذا وهو: “كيف أقوم بإعداد استراتيجية الذكاء الاصطناعي، والبدء في حالات الاستخدام، وتحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي؟”

إن الإجابة على هذا السؤال أصبحت مهمة للغاية في وقتنا الحالي لعدة أسباب من أبرزها:

  1. توقعات تأثير الذكاء الاصطناعي من قبل المدراء التنفيذيين ومجالس الإدارة في أعلى مستوياتها: يزداد التفاؤل بقدرة الذكاء الاصطناعي على تحقيق نتائج تجارية ملموسة وقابلة للقياس. القادة يرون في الذكاء الاصطناعي وسيلةً لتحفيز الابتكار وتحقيق نمو مستدام. نتيجةً لذلك، أصبحت استراتيجية الذكاء الاصطناعي ضرورة ملحة على مستوى القيادة في المؤسسات.
  2. يتعرض المدراء وأصحاب القرار لضغوط كبيرة لتحديد كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي وتقديم قيمة مضافة لمؤسساتهم: يتعين على مدراء تقنية المعلومات تحديد الفرص المناسبة لتطبيق الذكاء الاصطناعي بسرعة وفعالية، مع ضرورة تقديم حلول تحقق القيمة المطلوبة للمؤسسات. التأخير في ذلك يمكن أن يؤدي إلى ضياع الفرص ويضع المؤسسات في موقف تنافسي ضعيف.
  3. الذكاء الاصطناعي يزيد من تحديات الجاهزية التقنية، بما في ذلك الأمان، البنية التحتية، العمليات والقدرات التطويرية: يجب على المدراء ضمان أن الأنظمة والبنية التحتية مؤهلة بشكل جيد لاستيعاب الذكاء الاصطناعي. يتطلب الذكاء الاصطناعي بنية تحتية قوية، وأمن سيبراني عالي المستوى، بالإضافة إلى القدرة على التطوير المستمر للعمليات والأنظمة لدعم التطبيقات الذكية بأمان وكفاءة.

أشار تقرير “The CIO Report” من GARTNER  إلى الحقائق التالية:

  • 92% من مدراء تقنية المعلومات CIOs يتوقعون أن يتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في مؤسساتهم بحلول عام 2025، مما يجعل الذكاء الاصطناعي في مقدمة الابتكارات التقنية مقارنة بالتقنيات الناشئة الأخرى.
  • 61% من المؤسسات قامت بتعيين فرق متخصصة في الذكاء الاصطناعي وأسندت مسؤولية إدارة هذه الفرق والإشراف عليها إلى مدراء تقنية المعلومات CIOs.
  • 21% من الرؤساء التنفيذيين CEOs يرون أن الذكاء الاصطناعي يُعد التقنية الأكثر تأثيراً وإحداثاً للتغيير في السوق Disruptive Technology. ويدفعهم الخوف من التخلف عن منافسيهم إلى تسريع تبني هذه التقنية لضمان الاستفادة منها بأقصى قدر ممكن.

سنوضح في هذه المقالة مفهوم استراتيجية الذكاء الاصطناعي للقادة والمدراء التنفيذيين الذين يسعون إلى الاستفادة القصوى من هذه التقنية في مختلف القطاعات. وسنركز على كيفية مواءمة أهداف الذكاء الاصطناعي مع استراتيجيات الأعمال والتكنولوجيا لضمان تحقيق نتائج ملموسة.

رحلة نجاح الذكاء الاصطناعي

غالباً ما يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه المحرك الأساسي للابتكار فهو يعد بتحقيق نجاح سريع ومتميز لأولئك الذين يتبنونه مبكراً. ومع ذلك، وجَدت دراسة لـ BCG  أنه بعد عام من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لم تحقق معظم المؤسسات النتائج المتوقعة!! وقد تحتفل العديد من المؤسسات بنجاحها في وقت مبكر جداً قبل أن تحقق الفوائد الفعلية التي تظهر في النتائج المالية للمؤسسة. ووفقاً لنفس الدراسة أبدى 66% من المدراء التنفيذيين عدم رضاهم عن تقدم مؤسساتهم في تبني الذكاء الاصطناعي رغم أن 54% منهم مازالوا متفائلين بتحقيق نتائج متميزة إذا تم اعتماد استراتيجة فعالة.

استناداً إلى BCG، تمر معظم المؤسسات في رحلة تمكين الذكاء الاصطناعي بأربعة مراحل أساسية هي الوهم، النظرية، الاستعراض، وصناعة القيمة. هذه المراحل موضحة في الشكل التالي ويليه شرح مختصر لكل مرحلة.

عصر الذكاء الاصطناعي دور القادة في عصر الذكاء الاصطناعي : استكشاف الفرص ومعالجة التحديات مجموعة ريناد المجد لتقنية المعلومات RMG

المرحلة الأولى – الوهم  Illusion

في هذه المرحلة، تبدأ المؤسسة في تبني مشاريع الذكاء الاصطناعي، مدفوعة بوعود تحسين الكفاءة من خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي العامة مثل ChatGPT وMicrosoft Copilot. ومع ذلك، تفتقر هذه المشاريع إلى العديد من مقومات النجاح، وأبرزها غياب خطة استراتيجية شاملة. مما يؤدي إلى الفشل في تحقيق قيمة ملموسة وترك انطباع بأن فوائد الذكاء الاصطناعي مجرد وهم لايمكن تحقيقه.

 المرحلة الثانية – النظرية Theory

في هذه المرحلة، تسعى المؤسسة إلى توسيع استخدام الذكاء الاصطناعي عبر تقنيات وأدوات متنوعة لتغطية مختلف الأقسام. ومع ذلك، تواجه العديد من الشركات تحديات في تبني الموظفين لهذه التقنيات، حيث يشعر الكثير منهم بالإقصاء وعدم كفاية التدريب، مما يؤدي إلى عدم قدرتهم على دمج الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في العمليات اليومية. ونتيجة لذلك، تظل الفوائد المتوقعة غير محققة. وفي هذه المرحلة، يتحول الشعور من الوهم إلى النظرية، حيث تدرك المؤسسة إمكانيات الذكاء الاصطناعي، لكنها تفشل في تحويل هذه الإمكانيات إلى تطبيق فعلي يحقق قيمة ملموسة.

 المرحلة الثالثة – الاستعراض Show

في هذه المرحلة، تدرك المؤسسات أن النجاح يتطلب أكثر من مجرد تطوير وتوظيف الأدوات والحلول. في هذه المرحلة تعتمد الشركات الرائدة مبدأ 30/70 لتقسيم الوقت والموارد. حيث يتم استهلاك 30% فقط من الجهد على الخوارزميات والتقنيات اللازمة لتطبيق الذكاء الاصطناعي، بينما يتم استهلاك الجزء الأكبر من الوقت وهو 70% لتغير الثقافة لدى الأشخاص وإعادة تصميم العمليات التشغيلية. وقد تبين أن الشركات التي تستثمر في التدريب وإدارة التغيير تحقق معدلات تبني ناجحة تصل إلى 60%.

لكن يبقى الاحتفال في هذه المرحلة سابق لأوانه. لأنه في غضون بضعة أشهر، تميل المكاسب الأولية إلى التلاشي. وعلى الرغم من أن هذه المرحلة تشكل نقطة تحول مهمة في رحلة تنبي الذكاء الاصطناعي إلا أن المؤسسة تبدو وكأنها تستعرض نجاحاتها الغير كافية لتحقيق قيمة إضافية مستدامة.

 المرحلة الرابعة صناعة القيمة Value Creation

المرحلة الأخيرة والأساسية لتحقيق قيمة قابلة للقياس من الذكاء الاصطناعي هي إنشاء روابط واضحة بين مكاسب الكفاءة وتقرير الربح والخسارة Profit and Loss Statement وتنفيذ التحول الذي يركز على الأرباح بجدية.

بالنسبة لأي استراتيجية للذكاء الاصطناعي، تحتاج المؤسسات إلى تحديد كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على الربح والخسارة في مرحلة مبكرة ثم متابعة التحول المنظم من البداية إلى النهاية.

وفي سياق الذكاء الاصطناعي، قد يتطلب تغيير النموذج التشغيلي إعادة تصميم عمليات اتخاذ القرار لتكون مدعومة بتحليلات الذكاء الاصطناعي، مع تحسين دور الموظفين ليصبحوا أكثر تركيزًا على إدارة وتوجيه نماذج الذكاء الاصطناعي بدلاً من القيام بالمهام الروتينية. وهذا يسمح للشركة بإكمال رحلتها في مجال الذكاء الاصطناعي وتحقيق القيمة المطلوبة دون التعثر على طول الطريق.

عصر الذكاء الاصطناعي دور القادة في عصر الذكاء الاصطناعي : استكشاف الفرص ومعالجة التحديات مجموعة ريناد المجد لتقنية المعلومات RMG

 استراتيجية الذكاء الاصطناعي

لضمان النجاح في رحلة تبني الذكاء الاصطناعي، يجب أن تستند المؤسسة إلى استراتيجية فعالة تشمل جميع الجوانب الأساسية: التقنيات المناسبة، والإجراءات التنظيمية المدروسة، والأهم من ذلك الاستثمار في العنصر البشري من خلال التدريب وإدارة التغيير. هذا التكامل يضمن تحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي وتحويله إلى قيمة ملموسة ومستدامة.

مفهوم الاستراتيجية:

استراتيجية الذكاء الاصطناعي تتضمن وضع خطة شاملة ومدروسة لدمج وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في المؤسسة بهدف تعزيز الابتكار، تحسين الأداء، واتخاذ القرارات الحكيمة. تتكون الاستراتيجية من أربع خطوات أساسية:

  1. دراسة الوضع الحالي: تقييم عمليات المؤسسة ونشاطاتها وخدماتها، وتحديد الفرص واستكشاف أفضل الحلول الممكنة. تشمل هذه المرحلة أيضاً تحديد مصادر وأنواع البيانات المتوفرة وتقييمها.
  2. تطوير خطة التنفيذ: وضع أهداف بعيدة المدى وقابلة للقياس، وتحديد حالات استخدام الذكاء الاصطناعي، وترتيب الأولويات بناءً على الاحتياج ونقاط القوة والموارد المتاحــة وإعــداد الخطة التنفيذية للاستراتيجية.
  3. تنفيذ الاستراتيجية: تطبيق الحلول الابتكارية المحددة في الخطة، وضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق شفافة وأخلاقية.
  4. تقييم الاستراتيجية وقياس الأداء: تحديد معايير لقياس نجاح الاستراتيجية مقارنةً بالأهداف المرجوة، ومراجعة الأداء بشكل دوري مع التعديل حسب الحاجة.

الهدف الرئيسي من الاستراتيجية هو تمكين المؤسسات من الاستفادة القصوى من إمكانيات الذكاء الاصطناعي.

على الرغم من الضجة الكبيرة المحيطة بالذكاء الاصطناعي وتوقعاته الكبيرة، فإن تحويل إمكانياته إلى نتائج عملية ملموسة ليس دائماً أمراً مضموناً. وفقاً لاستطلاعات الرأي، يُعاني 49٪ من القادة التنفيذيين[1] من صعوبة في تقدير وإثبات القيمة الفعلية للذكاء الاصطناعي داخل مؤسساتهم. ويرجع ذلك إلى تعقيد نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد بشكل كبير على جودة البيانات ومدى تكاملها مع استراتيجية العمل.

لكي تكون استراتيجية الذكاء الاصطناعي ناجحة، من الضروري أن تكون متماشية مع أهداف العمل الأساسية، مع مراعاة ظروف السوق والضغوط التنافسية. لا يمكن بناء الذكاء الاصطناعي بمعزل عن الأعمال الأساسية للمؤسسة، بل يجب أن يكون مدمجاً في نسيج العمل لتحقيق الفعالية القصوى. عند تصميم هذه الاستراتيجية، يجب على المؤسسات تحليل الفرص ذات القيمة العالية التي يوفرها الذكاء الاصطناعي وكذلك المخاطر المرتبطة بتنفيذها. يشمل ذلك تقييم كيفية مساهمة الذكاء الاصطناعي في تحسين الكفاءة التشغيلية، زيادة الإنتاجية، و تعزيز تجربة العملاء.

عصر الذكاء الاصطناعي دور القادة في عصر الذكاء الاصطناعي : استكشاف الفرص ومعالجة التحديات مجموعة ريناد المجد لتقنية المعلومات RMG

الخطوات الأساسية لنجاح استراتيجية الذكاء الاصطناعي

نستطيع القول باختصار أن نجاح تمكين الذكاء الاصطناعي في أي مؤسسة يعتمد على استراتيجية واضحة ومتوازنة تأخذ في الاعتبار الفرص والمخاطر، وتضع نموذجاً للتنفيذ يمكن الاعتماد عليه لدفع عجلة التحول الرقمي في المؤسسة.

نوضح فيما يلي الخطوات الأساسية لنجاح تنفيذ استراتيجية الذكاء الاصطناعي:

  1. الاستراتيجيات المتوائمة:

يجب أن يكون هناك تحديث دائم على استراتيجية الذكاء الاصطناعي من خلال ملائمتها بشكل متكرر مع باقي الاستراتيجيات داخل المؤسسة. يجب أن يتحقق التوافق بين استراتيجية الذكاء الاصطناعي واستراتيجية الأعمال بشكل خاص لأنها تعتبر الاستراتيجية المحورية داخل المؤسسة.

بالإضافة إلى استراتيجية الأعمال يجب ملائمة استراتيجية الذكاء الاصطناعي مع الاستراتيجيات التالية:

  • استراتيجية البيانات Data Strategy
  • استراتيجية البحث والتطوير R&D Strategy
  • استراتيجية تكنولوجيا المعلومات IT Strategy

الهدف من هذا التنسيق هو تحقيق التعاون والتآزر بين هذه الاستراتيجيات لضمان التكامل والعمل بفعالية.

 

  1. استراتيجية الذكاء الاصطناعي ووضع الأهداف:

يتم تحديد الأهداف في استراتيجية الذكاء الاصطناعي بناءً على العديد من العناصر الرئيسية وهي:

  • المحفزات/الدوافع Drivers: ما يحفز الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسة.
  • التوافق Alignment: كيفية توافق استراتيجية الذكاء الاصطناعي مع استراتيجية العمل.
  • المخاطر Risks: المخاطر المرتبطة بتطبيق الذكاء الاصطناعي.
  • الرؤية Vision: الرؤية الشاملة لاستراتيجية الذكاء الاصطناعي.
  • التبني Adoption: تبني الذكاء الاصطناعي في المؤسسة.
  • القيمة Value: القيمة المضافة التي يجب أن تحققها استراتيجية الذكاء الاصطناعي.

الهدف النهائي هو التأكد من أن الأهداف المحددة لاستراتيجية الذكاء الاصطناعي تدعم الأهداف الشاملة لأعمال المؤسسة، مع إدارة المخاطر والمساهمة في تحقيق الفوائد المتوقعة.

 

  1. النموذج التشغيلي للذكاء الاصطناعي:

بالتخطيط لاستراتيجية الذكاء الاصطناعي ينتج لدينا مايُسمى “نموذج الذكاء االاصطناعي التشغيلي”  AI Operating Model وهو إطار عمل شامل يهدف إلى ضمان التكامل الفعال بين الأنظمة والعمليات المختلفة داخل المؤسسة لتحقيق النجاح في تنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي ودعم الاستدامة. ولتحقيق هذا الهدف، يجب تطوير نموذج تشغيلي ناضج وقابل للتوسع يتضمن جميع المجالات الرئيسية التالية التي تمثل الأساس لنجاح الذكاء الاصطناعي في المؤسسة.

  1. الحوكمة Governance:

الحوكمة هي الإطار الذي يحدد كيفية اتخاذ القرارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي داخل المؤسسة. يشمل ذلك وضع سياسات ولوائح تنظيمية حول استخدام الذكاء الاصطناعي، وضمان الشفافية، وإدارة المخاطر المرتبطة بالبيانات والأخلاقيات. بالإضافة إلى تحديد الأدوار والمسؤوليات وإجراءات التقييم لضمان أن الذكاء الاصطناعي يستخدم بطرق تتماشى مع قيم المؤسسة والقوانين المطبقة.

  1. البنية التحتية Infrastructure

يشير هذا الجانب إلى البنية التحتية اللازمة لتطوير وتشغيل حلول الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تطوير البرامج، النماذج، والمنصات التقنية. يشمل ذلك تصميم الأنظمة الهندسية المرنة، وبناء القدرات لتحديث وتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي بفعالية.

  1. البيانات Data

البيانات هي جوهر أي نموذج للذكاء الاصطناعي. يجب أن تكون هناك استراتيجية لإدارة البيانات، بما في ذلك جمع البيانات، تنظيفها، تنظيمها، وتخزينها بطريقة تتيح استخدامها في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. يشمل ذلك ضمان الجودة، الدقة، والتحديث المستمر للبيانات المستخدمة في تطوير النماذج والتعلم الآلي.

  1. التقنية Technology:

التقنية تشمل جميع الأدوات والمنصات التي تتيح تنفيذ نماذج الذكاء الاصطناعي. يجب أن يكون لدى المؤسسة بيئة تقنية داعمة تحتوي على منصات الحوسبة، التخزين، الشبكات، والأمان. يجب الاعتماد على تقنيات متقدمة مثل الحوسبة السحابية، وواجهات برمجة التطبيقات APIs لتمكين تكامل الأنظمة.

  1. التنظيم Organization:

التنظيم يتعلق بالهيكل التنظيمي اللازم لدعم الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك فرق العمل المتخصصة بالذكاء الاصطناعي، وتحديد الأدوار والمسؤوليات داخل المؤسسة. يجب التركيز على بناء ثقافة تنظيمية تدعم الابتكار والمرونة، مع تسهيل التعاون بين الفرق الفنية وغير الفنية.

  1. المعرفة بالبيانات Data Literacy:

يعتبر فهم البيانات ومعرفتها على جميع المستويات في المؤسسة أمرًا حاسمًا لضمان نجاح الذكاء الاصطناعي. يشمل ذلك توعية وتدريب الموظفين على كيفية استخدام البيانات بفعالية في اتخاذ القرارات. وكذلك بناء الوعي بكيفية تحليل البيانات، تفسير النتائج، وفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على العمل اليومي للمؤسسة.

النموذج التشغيلي للذكاء الاصطناعي يهدف إلى دمج هذه المجالات بطريقة سلسة ومتكاملة لتحقيق الاستفادة القصوى من تقنيات الذكاء الاصطناعي. يتطلب الأمر من المؤسسة وضع خطة واضحة وتحديد الأهداف والأدوار، مع التركيز على بناء إطار عمل حوكمي وتنظيمي يسمح بالنمو والتكيف المستمر مع التقنية والتحديات المستقبلية.

 

  1. محفظة الذكاء الاصطناعي

محفظة المشاريع والمبادرات الفعلية للذكاء الاصطناعي AI Portfolio هي أداة استراتيجية لإدارة وتوجيه المشاريع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ضمن المؤسسة. هذه المحفظة تساعد على تحديد الأولويات، تنظيم الأفكار، واختيار حالات الاستخدام التي تحقق أكبر قيمة للمؤسسة. كما تساعد في إدارة التكاليف والمخاطر المرتبطة بتنفيذ هذه المشاريع، مما يضمن تحقيق عائد ملموس من الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي.

العناصر الأساسية في محفظة الذكاء الاصطناعي:

  1. إعطاء الأولوية للأفكار Ideation/Prioritization:

هذه المرحلة تتعلق بتحديد الأفكار التي يمكن أن تُطور باستخدام الذكاء الاصطناعي وترتيبها حسب الأولوية. الهدف هو التركيز على الأفكار التي لها أثر مالي ويمكن أن توفر أكبر قيمة استراتيجية. يجب أن تشمل الأولويات تأثير الذكاء الاصطناعي على المؤسسة ومدى توافقه مع أهداف العمل وتوجهات السوق. الأدوات التحليلية والمقاييس الكمية تساعد في اتخاذ القرارات حول أي الأفكار يجب أن يتم تطويرها أولاً.

  1. حالات الاستخدام Use Cases:

تحديد حالات الاستخدام هو جزء أساسي من الاستراتيجية. يشمل ذلك التعرف على التطبيقات المحتملة للذكاء الاصطناعي في العمليات المختلفة، مثل تحسين الكفاءة التشغيلية، تقديم تجربة أفضل للعملاء، أو تطوير منتجات وخدمات جديدة. يجب أن تكون حالات الاستخدام مدروسة بعناية، مع تحديد الفوائد المتوقعة والتحديات التي قد تنشأ أثناء التنفيذ.

  1. إدارة التغيير Change Management:

إدارة التغيير هي عملية أساسية أثناء تبني الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسة. التغيير يشمل تعديل العمليات والهياكل التنظيمية، وتطوير المهارات اللازمة لدعم التكنولوجيا الجديدة. إدارة التغيير تهدف إلى ضمان الانتقال السلس نحو تبني الذكاء الاصطناعي من خلال توفير الدعم والتدريب اللازم للفرق المختلفة، وتخطيط استراتيجيات للتكيف مع التغييرات التقنية والعملية.

  1. بناء أو شراء Buy-Build:

إحدى القرارات الرئيسية التي يجب اتخاذها هي ما إذا كانت المؤسسة ستقوم ببناء تقنيات الذكاء الاصطناعي داخلياً باستخدام مواردها وفرقها أو شرائها من مزودي التقنية الخارجيين. يتطلب هذا القرار تحليلًا دقيقاً للتكاليف، الوقت، والمخاطر.

بناء الحلول داخلياً يوفر المرونة والتحكم الكامل، لكنه قد يستغرق وقتاً أطول ويتطلب موارد أكثر. من ناحية أخرى، شراء الحلول من السوق يمكن أن يكون أسرع، ولكنه قد يكون أقل تخصيصاً لتلبية احتياجات المؤسسة الخاصة.

  1. إدارة القيمة والتكلفة Value/Cost Management:

تتعلق هذه المرحلة بإدارة التكاليف والعائدات المرتبطة بتنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي. الهدف هو تحقيق أعلى قيمة بأقل تكلفة ممكنة. تحتاج المؤسسة إلى تقييم مستمر للعائدات المحققة من مشاريع الذكاء الاصطناعي، ومقارنة تلك العائدات بالتكاليف لضمان أن الفوائد تفوق النفقات. كما يتضمن ذلك متابعة الأداء والنتائج بعد التنفيذ لضمان أن القيمة المتوقعة قد تحققت.

اختصاراً نستطيع القول أن إدارة محفظة مشاريع الذكاء الاصطناعي تهدف إلى تمكين المؤسسة من تحقيق أقصى استفادة من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي. من خلال إعطاء الأولوية للأفكار ذات القيمة العالية، وتحليل حالات الاستخدام المحتملة، وإدارة التغيير بكفاءة، يمكن للمؤسسة أن تتبنى الذكاء الاصطناعي بنجاح وتحقق نتائج ملموسة.

الخاتمة

في عصر يتسارع فيه تطور الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسبوق، تصبح مسؤولية القادة أكثر أهمية من أي وقت مضى. فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو محركٌ للتغيير يتطلب رؤية استراتيجية، وقيادة واعية تستطيع توجيه المؤسسات نحو تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التقنية. كما يتطلب النجاح في تبني الذكاء الاصطناعي تضافر الجهود في مجالات متعددة، بما يشمل التخطيط المدروس، الاستثمار في الكفاءات، وتطوير البنية التحتية، إلى جانب إدارة محفظة المشاريع بذكاء لضمان عائد فعّال ومستدام على الاستثمار.

يجب على القادة والمدراء تبني دور ريادي في رحلة التحول الرقمي، حيث يتعين عليهم قيادة التغيير بثقة والتأكيد على أهمية الذكاء الاصطناعي كأداة لتحقيق الابتكار وتعزيز الكفاءة، وختاماً، نود أن ننوه إلى أن التبني الفعّال للذكاء الاصطناعي لا يُبنى على التقنية فقط، بل يعتمد على ثقافة مؤسسية موجهة نحو التعلم المستمر، الابتكار، والالتزام بتحقيق قيمة حقيقية ومستدامة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *