لا مفر من حقيقة أنّ التقنيات الرقمية تُغيّر العالم بطرق هائلة، ونتيجة لذلك، أصبح لزامًا على المؤسسات تبني هذه التقنيات، ولا يوجد أمامها خيارًا ثانيًا إذا أرادت أن تحظى بفرصة للنجاح في السنوات القليلة المقبلة.
ولكن، وفقًا لاستطلاع أجرته شركة jabil، هناك 8٪ فقط، من الذين استجابوا للاستطلاع، يعتبرون أن مؤسساتهم رقمية بالكامل، وصرّح 31٪ أنهم يقومون بمشاريع التحول الرقمي في مؤسساتهم حسب الاقتضاء وما تستلزمه الحاجة، وذكر 31٪ آخرون أنهم ما زالوا في مرحلة التخطيط ومناقشة جدوى المشاريع الرقمية!
من الواضح أنه، على الرغم من التوجه العالمي نحو الرقمنة، لا يزال أمام غالبية المؤسسات طريق طويل لتقطعه في رحلة التحول الرقمي. على أيّ حال، إنّ الخطوة الأهم في رحلة التحول هي وضع خطة مناسبة والبدء بتنفيذها؛ لأنه في حين أن مستقبل التكنولوجيا قد يكون غير مؤكّد بالنسبة للبعض، هناك شيء واحد مؤكد للجميع: عدم اتخاذ خطوات جريئة في هذا الشأن هو الخطر الأكبر عندما يتعلق الأمر بالتحول الرقمي.
وعادةً لا يوجد إطار موحد في التحول الرقمي يلائم جميع المؤسسات، إذ إن هناك الكثير من العوامل التي تؤثر في عملية التحول الرقمي في المؤسسة، مثل فئات وأعداد المستفيدين، وحجم المؤسسة، وثقافة المؤسسة، والقدرات البشرية في المؤسسة، والبنية التحتية التقنية، ووعي المسؤولين بأهمية التحول الرقمي، والدعم المالي.
ولكن، هناك بعض الخطوات المهمة التي يجب على الجميع وضعها في الاعتبار عند بدء رحلة التحول الخاصة بهم.
خطوات بدء رحلة التحول الرقمي في مُنشأتك تكون كالآتي:
- حدّد ما يعنيه “التحول الرقمي” لمُنشأتك
من أصعب الأمور في التحول الرقمي حقيقة أنه لا يوجد تعريف عالمي موحّدًا لماهية التحول. فإذا سألت 10 مدراء تنفيذيين أو مدراء تنفيذيين للمعلومات (CIO) ومدراء تقنية المعلومات (CTO) عما يعنيه التحول الرقمي بالنسبة لأعمالهم، ستحصل على عشرة إجابات مختلفة. هذا ليس مفاجئًا، بالنظر إلى حقيقة أن هناك الكثير من التطورات التكنولوجية المتاحة، وأن كل عمل له عملاء واحتياجات مختلفة.
لذلك، إنّ الخطوة الأولى الحاسمة عند الشروع في رحلة التحول الرقمي هي تحديد ما يعنيه التحول الرقمي بالضبط لمُنشأتك.
وعند تحديد ذلك، يجب عليك النظر إلى الصورة نظرة شمولية، والأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجهها، ومستوى نضج مُنشأتك، ووضع الصناعة التي تنشط بها، والمنافسة، وسلسلة القيمة، والعملاء، والنظام البيئي وأي متغيرات أخرى تؤثر على عملك، بعين الاعتبار. استخدم هذه المعلومات لتحديد ما يعنيه التحول الرقمي لمؤسستك في سياقها المحدد، ولماذا تحتاج إلى تفعيله، وما الذي تحاول تحقيقه من مبادرات التحول.
- قم بتقييم قدرات مُنشأتك الحالية
بمجرد أن تعرف سبب احتياجك للتحول الرقمي، وكيف سيبدو بالنسبة لعملك، الخطوة التالية هي تقييم القدرات الرقمية التي تمتلكها مُنشأتك حاليًا. تفقّد الحزمة التكنولوجية (Tech Stack) والتقنيات الخاصة بك وقدرات موظفيك. يجب مراعاة أي شيء وكل شيء يتم استخدامه لجعل عملك على ما هو عليه حاليًا.
قد يبدو الأمر بسيطًا، لكن غالبية الشركات تضع إستراتيجية التحول الرقمي دون التفكير في كيفية عمل كيانات الأعمال لديها حاليًا، مما قد يجعلها عرضة للفشل في الوصول إلى أهدافها وغاياتها من التحول.
- حدّد كيف ستصبح رقميًا
ومع تحديد هدف المُنشأة من التحول وقدراتها الحالية، ستكون في وضع جيد لتقييم مختلف خيارات التحول الرقمي الموجودة.
بدءً من التحولات الأمامية (front-end transformations)، مثل المنتجات وتجارب العملاء، وصولًا إلى التحول الخلفي (back-end transformation)، مثل البنية التحتية السحابية والبنية التحتية لتقنية المعلومات، أو الحلول التي تحوّل كليهما؛ هناك عدد كبير من الخيارات التي يجب مراعاتها عند بناء استراتيجية التحول الرقمي. على سبيل المثال:
- إعادة تصميم المنتجات بحيث تحتوي على مكون رقمي مثل إنترنت الأشياء IOT
- بناء أنظمة بيئية رقمية من خلال تسخير قوة البيانات الضخمة والاتصال والسحابة
- تحويل العمليات والمصانع باستخدام الأتمتة أو التعلم الآلي أو الطباعة ثلاثية الأبعاد
- بناء بنية تحتية قوية لتقنية المعلومات من أجل توفير نظام عصبي رقمي مركزي (digital nervous system) لمؤسستك
- تطوير تجربة العملاء للاستفادة من التقنيات الرقمية وتضمين ميزات مثل روبوتات المحادثة أو الحجز عبر الإنترنت
قد تكون استراتيجيتك عبارة عن مزيجًا من التحولات الداخلية والخارجية، أو قد تكون مجرد تغييرًا صغيرًا واحد. بغض النظر عن ذلك الأمر، من المهم دائمًا تذكّر أنّ أي حل رقمي هو وسيلة لتحقيق غاية؛ ضع دائمًا هدفك النهائي في الاعتبار عند وضع استراتيجية التحول الرقمي الخاصة بك للتأكد من أنك تقدم قيمة لعملائك وعملك، وليس مجرد إضافة تقنية جديدة، واتباع سلوك القطيع وكفى.
- احصل على التأييد المناسب
بمجرد أن يكون لديك إستراتيجية رقمية وحلٌ مدروس، فمن الضروري أن تحصل على تأييد من المستويات التنفيذية. يجب عليك خلال هذه الخطوة توصيل الرسائل الصريحة والموجزة وغير المتحيّزة عن التحول القادم لجميع العاملين في المُنشأة من أجل خلق الثقة والتأييد والالتزام لتحقيق الرؤية المأمولة من التحول الرقمي. ستساعدك هذه الخطوة في إظهار التزامك بالتحول الرقمي، كما أنّه يُعد أمرًا بالغ الأهمية لبدء مشروعك وتشغيله، وتعمل كالأُطر الضامنة للاستثمار.
قد تبدو خطوة مباشرة نسبيًا مقارنة ببناء إستراتيجية تحول رقمي كاملة، ولكن قد يستغرق الأمر وقتًا أطول للحصول على التأييد والموافقة المناسبين للبدء بمشروع التحول. لذا من المهم أن تضع هذا في موضع التنفيذ في أقرب وقت ممكن بمجرد أن يكون لديك خطة قوية.
- قم بإنشاء خارطة طريق
من خلال الإستراتيجية الصحيحة والحصول على التأييد المناسب، تحتاج إلى إلقاء نظرة على خطة التحول الرقمي الخاصة بك بشكل عملي وبناء خارطة طريق فعّالة. وضع بعين الاعتبار التالي: لا يمكنك تغيير كل شيء دفعة واحدة، ويجب أن يكون لديك خطة شاملة لكيفية عمل التحول الخاص بك بالفعل.
اسأل نفسك: ما الذي ستغيره أولاً؟، ما هو التغيير الذي إذا قمت به سيكون له أكبر تأثير وسيُحقّق أكبر قيمة للمُنشأة؟ وما هو مانع التقدم الذي لا مفر منه؟ من الضروري وضع خارطة طريق لتحديد متى يجب أن يحدث كل شيء، وكيف سيتغير عملك تدريجيًا، وكيف سيبدو التحول الرقمي الخاص بك خلال فترة زمنية معينة.
- تأكّد من أنّ لديك المهارات الصحيحة في المكان المناسب
عند النظر في أسباب فشل معظم مشاريع التحول الرقمي، فإن أحد الأسباب الرئيسية التي تطرأ مرارًا وتكرارًا هو نقص المهارات. وهذا ليس مستغرب أبدًا، بالنظر إلى حقيقة أن التحولات الرقمية تعتمد عادة على أحدث التقنيات الناشئة، وأنّ كثير من الشركات لا تمتلك الخبرة والمهارات اللازمة.
في الواقع، في تقرير حالة التحول الرقمي لعام 2017، أشار 31٪ من المشاركين إلى أن الافتقار إلى المواهب الرقمية والخبرة يمثل تحديًا حقيقيًا لنجاح مبادرات التحول الخاصة بهم. وفي دراسة استقصائية شملت 1200 مدير تنفيذي للموارد البشرية والمواهب، اعتقد 54٪ أن فجوة المواهب الرقمية تعرقل التحول الرقمي والقدرة التنافسية في مؤسساتهم.
من الواضح أنه عند التخطيط لمشروع التحول الرقمي، يتعيّن على الشركات التركيز على توظيف المهارات الضرورية لدفع تحولاتها إلى الأمام. في الواقع، ثبت أن الفشل في توظيف المهارات اللازمة وجذب الموظفين الكُفء حول مشروع التحول الرقمي يؤدي بشكلٍ نهائي إلى فشل المشروع والحصول على عوائد استثمارية ضئيلة.
- تحضير الأعمال بأكملها
إن توصيل خطتك ورؤية مشروع التحول إستراتيجية الشركة الأكبر لا تقل أهمية عن تصميم الاستراتيجية. في الواقع، من المعترف به على نطاق واسع أن التحول الرقمي الناجح يعتمد إلى حد كبير على التغيير الثقافي داخل الشركة بقدر ما هو تغيير تكنولوجي.
إذا لم يتم الإبلاغ عن قيمة التحول بشكل جيد، فقد لا تحصل الشركة على تأييد جوهري من الموظفين والذي يمكن أن يكون بمثابة عائق في وقت لاحق من الرحلة. إنّ تزويد الموظفين بالشفافية، والهيكلية والخطة الواضحة، والتدريب الكافي لإعدادهم للتحول الرقمي؛ قد يساعدك بشكل كبير خلال استعدادك لمشروع التحول.
- ابدأ التحول الرقمي الخاص بك الآن
هذه الخطوة بسيطة جدًا، فقط ابدأ في تنفيذ خطتك التي صغتها مسبقًا. تأكّد من أنك تظل ملتزمًا طوال الوقت بما تمّ التخطيط له مسبقًا وبإستراتيجية التحول الرقمي الموضوعة، أيضًا يجب عليك أنْ تكون مرنًا ولا تنسَ قياس النتائج باستمرار. الشركات التي حققت تحولات مؤسّسية ناجحة هي تلك التي وضعت أنظارها على الرؤية النهائية وعملت على إعداد الأعمال للنجاح والنمو في المستقبل.
هل تُريد إطلاق مشروع التحول الرقمي الخاص بمُنشأتك؟
خطوات قليلة تفصلك عن ذلك! تواصل معنا اليوم، لتحصل على جلسة استشارة *مجانية تُناقِش خلالها، مع أحد مستشارينا المتخصصين، كيف يمكنك إطلاق مبادرات التحول الخاصة بك على أرض الواقع!