تشكّل تقنيات التحول الرقمي اليوم عصب تطوير المجتمعات والجهات، وتسهم في بناء حكومات ذكية تلبي تطلعات المواطنين ومن بين أبرز التقنيات المبتكرة التي تجسد روح هذا التحول هو “التوأم الرقمي”، الذي يعدُّ حجر الأساس للتطور الحكومي والتحول الرقمي.
في هذا المقال سنتعرف على هذه التقنية وفوائدها للجهات الحكومية
بداية
ما هو مفهوم التوأم الرقمي ؟
هو نموذج افتراضي مُحاكٍ للعالم الحقيقي يستند إلى البيانات والمعلومات المستمدة من مصادر متعددة وأنظمة متنوعة.
يتمثل هدفه الرئيسي في إنشاء تطابق كامل للعناصر الفعلية من خلال المحاكاة والمحاكاة الافتراضية، وذلك بفضل استخدام التقنيات الرقمية الحديثة والذكاء الاصطناعي.
مكونات التوأم الرقمي
هي العناصر التي تشكل النموذج الرقمي الدقيق للعملية المراد محاكاتها، تعتمد المكونات على نوع التطبيق والهدف من إنشاء هذه التقنية.
ومع ذلك، إليكم بعض المكونات الأساسية التي تُستخدم عادة في بناء التقنية:
- البيانات الرقمية: تشمل المعلومات والبيانات المتعلقة بالعملية التي تتم محاكاتها، وتكون هذه البيانات متنوعة وشاملة لكافة جوانب العملية.
- نماذج ثلاثية الأبعاد (3D): تستخدم لإنشاء تمثيل ثلاثي الأبعاد لعملية، مما يسمح بتفاصيل أكثر دقة وواقعية في المحاكاة.
- تقنية الاستشعار: تُستخدم لجمع البيانات الحية والواقعية من العملية المراد محاكاتها، مثل أجهزة الاستشعار والمتحسسات.
- الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة: تستخدم التقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحليل البيانات وتوقع السلوك والأداء المستقبلي للعملية.
- البيانات الواقعية (الهجينة): يتم دمج بيانات التوأم الرقمي مع البيانات الحية المأخوذة من العملية الفعلية، مما يسمح بتحديث النموذج وتحسين دقته على مر الزمن.
- التحليل والمحاكاة: تستخدم برامج التحليل والمحاكاة لتحليل البيانات والتفاعل مع التقنية لاختبار سيناريوهات مختلفة وتحسين الأداء.
- الاتصالات السحابية وإنترنت الأشياء: يتم استخدام الاتصالات السحابية وتقنيات إنترنت الأشياء لتبادل البيانات والمعلومات بين التوأم الرقمي والعملية الحقيقية.
- أجهزة الاستشعار الذكية: تُستخدم أجهزة الاستشعار الذكية لرصد وقياس البيانات الحية وإرسالها إلى التوأم الرقمي.
يُلاحظ أن التقنية قد تتطلب تكاملًا وتناغمًا بين مختلف المكونات، وقد يتم تخصيصه لأغراض محددة مثل محاكاة العمليات الصناعية، أو تطوير وتحسين المنتجات والخدمات، أو تحسين أداء المدن والبنية التحتية.
فوائد التوأم الرقمي للجهات الحكومية
- تحسين التخطيط واتخاذ القرارات: يُمكِن الجهات الحكومية من تحسين عمليات التخطيط واتخاذ القرارات عبر توفير نموذج دقيق وشامل للواقع الحالي، مما يُمكِن المسؤولين من تحليل البيانات واختبار السيناريوهات المختلفة قبل اتخاذ أي إجراء.
- تحسين تجربة المستخدم: يُمكِن من تحسين تجربة المستخدم للخدمات الحكومية من خلال تحسين كفاءة وجودة الخدمات المقدمة وتقديم خدمات أكثر شمولية وشخصية للمواطنين.
- تحسين الاستدامة والكفاءة: يُمكِن من تحسين الاستدامة البيئية والاقتصادية من خلال تحسين كفاءة استخدام الموارد وتحسين أداء البنية التحتية الحكومية.
- الابتكار والتطوير: يُمكِن من دعم الابتكار والتطوير في القطاع الحكومي من خلال تجريب الحلول الجديدة واختبارها في بيئة افتراضية قبل تنفيذها على أرض الواقع.
- التواصل والتنسيق: يُمكِن من تحسين التواصل والتنسيق بين مختلف الجهات الحكومية، مما يُسهِّل تبادل البيانات والمعلومات بينهم ويُسهم في تحقيق التكامل بين الخدمات المختلفة.
- تحسين الأمان والسلامة: يُمكِن من تحسين الأمان والسلامة في البيئات الحكومية، حيث يُمكِن استخدامه لمحاكاة سيناريوهات مختلفة وتحديد المخاطر المحتملة.
- تقليل التكاليف والزمن: يُمكِن من تقليل التكاليف والزمن المستغرق في تطوير واختبار الحلول الجديدة، حيث يمكن إجراء اختبارات وتجارب افتراضية دون الحاجة إلى تكاليف عالية.
تحسين الكفاءة وتقديم خدمات متطورة للمواطنين هي بعض الفوائد الأساسية لاعتماد هذه التقنية في القطاع الحكومي، مما يسهم في بناء حكومة ذكية ومتقدمة تلبي احتياجات المواطنين بشكل أفضل.
بعض المجالات التي تستخدم فيها التقنية
التوأم الرقمي هو مفهوم يتطور باستمرار ويجري تطويره في مجموعة متنوعة من المجالات.
إليكم بعض المزيد من المعلومات
- التصنيع الذكي: في صناعة التصنيع، يتم استخدامه لتحسين عمليات التصنيع وتحسين إنتاجية الآلات والمصانع، كما يمكن استخدام التوائم الرقمية لمحاكاة العمليات والتجارب قبل تنفيذها في العالم الحقيقي، مما يقلل من الأخطاء ويوفر التكاليف.
- النقل الذكي: في قطاع النقل، يُستخدم لتحسين أداء وسائل النقل وزيادة سلامتها حيث يُمكن محاكاة واختبار السيارات والطائرات والقطارات الذكية في بيئة رقمية قبل تطبيقها على أرض الواقع.
- الزراعة الذكية: في قطاع الزراعة، يمكن استخدامه لمراقبة المزارع وتحسين إدارة الموارد الزراعية مثل المياه والأسمدة.
يمكن للتوأم الرقمي محاكاة الظروف الجوية والتربة ومتطلبات النباتات للمساعدة في اتخاذ قرارات زراعية أكثر دقة.
- البنية التحتية والبناء: يُستخدم في صناعة البناء وإدارة البنية التحتية لتحسين تخطيط المشروعات وتحسين الكفاءة والأمان في تنفيذ الأعمال الإنشائية.
الطاقة المتجددة: يُمكن استخدامه في تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتحليل أداء أنظمة الطاقة المستدامة مثل الطاقة الشمسية والرياح.
الصحة والطب: يُستخدم في مجال الطب لإنشاء نماذج رقمية للأعضاء والأنسجة والأجسام البشرية، مما يمكن الأطباء من تشخيص الأمراض وتوفير العلاجات المخصصة لكل مريض.
التدريب والتعليم: يُمكن استخدامه في تطوير بيئات تعليمية افتراضية للتدريب والتعليم العملي، مما يوفر تجربة تعليمية أكثر واقعية وفاعلية.
يتمثل التحدي الرئيسي في تطوير وتحسين التوأم الرقمي هو تجميع وتحليل كميات كبيرة من البيانات من مصادر متنوعة وتحويلها إلى نماذج رقمية دقيقة ومع تقدم التقنيات وتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي والاستشعار الذكي، يُتوقع أن تستمر التقنية في التطور وتوسيع نطاق تطبيقاتها في المستقبل.
خاتمة:
في ظل التحديات الحكومية المتزايدة والتطور التقني السريع، يعد التوأم الرقمي أداة حيوية للحكومات لتحقيق التميز في تقديم الخدمات واتخاذ القرارات كما يمثل الركيزة الأساسية لبناء الحكومة الذكية، حيث يمكن من خلاله تحقيق التفاعل المتكامل بين المواطن والحكومة والجهات الأخرى فيتيح هذا التفاعل تبادل البيانات والمعلومات بشكل سريع وآمن، وتحقيق تجربة حكومية سلسة ومتكاملة.
كما باتت الكثير من الجهات اليوم تحرص على نقل أعمالها إلى مساحات العمل الرقمية، وكان الهدف في البداية منصبّاً على تجميع التطبيقات، والخدمات السحابية، ولكن اليوم باتت مساحات العمل الرقمية أكثر ذكاءً لذا يعمل فريق ريناد المجد الاستشاري على مساعدة الجهات في تطوير فضاء رقمي ناجح
